التشوه الشرياني الوريدي في المخ مصطلح غير شائع لأحد العيوب الخلقية في جسم الإنسان و لكننا قد نسمع عنه في بعض الأحيان و هو يصيب عدد ليس بقليل من الناس. و لكي نفهم المقصود بـ التشوهات الشريانية الوريدية في المخ دعونا نتذكر أن المخ مثل أي عضو في الجسم يصل له الدم المحمل بالأكسجين و الغذاء عن طريق الشريان ثم يدخل إلى شبكة الشعيرات الدموية المغذية للمخ نفسه و يخرج من خلال الوريد ليعود إلى الرئة و القلب, يعني المسار الطبيعي للدم هو شريان ثم شعيرات دموية ثم وريد.
و لكن في حالة التشوه الشرياني الوريدي في المخ يوجد تجمع مشوه لأوعية دموية غيرطبيعية يمر خلالها الدم من الشريان إلى الوريد دون المرور في الشعيرات الدموية للمخ و بالطبع هذا قد يؤثر على الإمداد الدموي للمخ حيث أن الشعيرات الدموية هي المسئولة عن تغذية المخ و كذلك تمنع انتقال ضغط الشريان العالي إلى الوريد مثل السد, يعني في حالة التشوه مسار الدم هو شريان ثم تشوه شرياني وريدي ثم وريد.
هل التشوهات الشريانية الوريدية في المخ مشكلة منتشرة ؟
التشوهات الشريانية الوريدية قد تصيب أي جزء من أجزاء الجسم و لكن يعتبر المخ و الحبل الشوكي من أكثر الأماكن في الجسم المعرضة لتكوين هذه العيوب الخلقية , وعلى الرغم من ذلك فنسبة حدوث التشوهات الشريانية الوريدية في المخ أقل من 1% من الناس. وعلى الرغم من ندرة هذا المرض إلا أنه يعد من أخطر المشاكل التي تصيب المخ و الحبل الشوكي و ذلك لصعوبة علاجه و خطورة الأعراض التي قد يسببها.
ما هي أسباب الإصابة بـ التشوهات الشريانية الوريدية في المخ ؟
السبب الحقيقي لحدوث التشوهات الشريانية الوريدية في المخ غير معروف حتى الآن, يظن البعض أنها مشكلة وراثية حيث أن معظم الحالات المصابة تولد بهذا التشوه الشرياني الوريدي في المخ يعني أنه يوجد منذ الولادة أو بكلام أكثر دقة فهو يوجد منذ مرحلة تطور الإنسان كجنين. و لكن بعض الحالات ثبت فيها أن التشوه الشرياني لم يكن موجود عند الولادة و لكن ظهر في مرحلة متقدمة من العمر و لكن ذلك حدث خارج منطقة المخ. و كذلك أثبتت العديد من الدراسات أنه من النادر أن يورث المصاب بهذا التشوه الشرياني مشكلته لأولاده أو أحفاده.
ما هي أعراض الإصابة بـ التشوهات الشريانية الوريدية في المخ ؟
قد لا تسبب التشوهات الشريانية الوريدية في المخ أي أعراض في حالة أنها لم تنفجر و لكن خطورتها تكمن في إمكانية حدوث نزيف المخ في أي وقت , و حدوث نزيف الدماغ يكون هو العرض الأول في 50% من حالات التشوهات الشريانية الوريدية في المخ. أيضا قد تحدث أعراض أخرى مثل التشنجات أو الصرع أو الصداع العنيف أو ضعف أو تنميل في أحد الأطراف و غيرها من أعراض الجهاز العصبي. و في حالات ليست بقليلة من حالات الصرع أو زيادة كهربة المخ أو التشنجات التي لا تستجيب للعلاج يكون هناك تشوه شرياني وريدي في المخ لم يتم اكتشافه و بمجرد العلاج تتحسن الحالة فورا.
ما هي خطورة التشوهات الشريانية الوريدية في المخ أو لماذا يجب أن أعالج التشوه الشرياني الوريدي ؟
كما اتضح من الشرح فإن خطورة التشوهات الشريانية الوريدية أنها وصلات مباشرة غير طبيعية بين الشريان والوريد و بالتالي فهي تحمل دم مندفع بسرعة عالية و تحت ضغط عالي, و هذا يجعلها عرضه للانفجار و حدوث نزيف المخ أو نزيف الدماغ و الذي يشكل خطورة على حياة المريض . و قد ذكرت الأبحاث أن أكثر من 40% من مرضى التشوهات الشريانية الوريدية في المخ قد عانوا من احدى درجات نزيف المخ خلال حياتهم.
كيف يتم تشخيص و علاج التشوه الشرياني الوريدي في المخ؟
تشخيص التشوه الشرياني الوريدي في المخ يتم عن طريق عمل أشعة رنين مغناطيسي على المخ حيث تحدد بدقة حجم و مكان التشوه و مدى تأثيره على أجزاء المخ المختلفة.
بعد ذلك يتم عمل قسطرة تشخيصية على شرايين المخ لمعرفة التركيب التشريحي التفصيلي للتشوه الشرياني الوريدي و معرفة الشرايين المغذية له و معرفة الأوردة الخارجة منه و عددها و غيرها من التفاصيل التي تساعدنا في تحديد أفضل طريقة للعلاج.
و بعد ذلك يتم تحديد طريقة العلاج و التي قد تكون
- المتابعة فقط : أي لا علاج في الوقت الحالي و هذا يحدث في بعض الحالات التى لم تنزف من قبل و بينت القسطرة التشخيصية عدم وجود خطورة حدوث النزيف مثل وجود ضيق في الوريد الخارج من التشوه الشرياني الوريدي أو وجود تمددات شريانية داخل التشوه.
- القسطرة العلاجية : و هنا يتم استخدام قسطرة المخ العلاجيةوباستخدام قساطر رفيعة للغاية يتم الوصول للتشوه الشرياني الوريدي من خلال فتحة لا تتعدى 2مم في الفخذ و غلقه من الداخل باستخدام الصمغ الطبي بدون أي فتحات جراحية .
- العلاج الجراحي: و يحتاج لعمل فتحة في الجمجمة للوصول للتشوه الشرياني الوريدي و استئصاله و ما يصاحب ذلك من مخاطر عالية بسبب فتح الجمجمة و طول فترة النقاهة و المضاعفات.
- العلاج الإشعاعي: عن طريق مشرط جاما و هنا يتم تسليط إشعاع خارجي على التشوه الشرياني و لكن هذا يصلح لعلاج التشوهات الصغيرة السطحية و يحتاج لسنوات حتى يأتي المفعول المطلوب.
هذا و تعد قسطرة المخ العلاجية أحدث طرق علاج التشوهات الشريانية الوريدية في المخ و التي تتم بدون أي فتحات جراحية و هي واحدة أخرى من معجزات الأشعة التداخلية